رحل عن عالمنا اليوم قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد مسيرة استثنائية من العطاء الروحي والإنساني، كرّس خلالها حياته لنشر قيم السلام والحوار والمحبة بين الشعوب والأديان.
ويستذكر العالم، وفي القلب منه مصر، أبرز محطات حياة هذا القائد الروحي الكبير، وفي مقدمتها زيارته التاريخية لأرض الكنانة يومي 28 و29 أبريل 2017، والتي كانت بمثابة رسالة سلام من قلب الشرق إلى العالم بأسره.
زيارة تاريخية تحمل معاني الوحدة والتعايش
في يوم الجمعة، 28 أبريل 2017، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي البابا فرنسيس في قصر الاتحادية، حيث أُجريت مراسم استقبال رسمية عكست عمق العلاقات بين مصر والفاتيكان. وخلال اللقاء، شدد الرئيس السيسي على أهمية الدور الذي تلعبه الأديان في ترسيخ قيم السلام ومواجهة الفكر المتطرف، مشيدًا بالرسالة الإنسانية الجامعة التي يمثلها البابا.
في اليوم ذاته، التقى البابا بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في جلسة مباحثات تناولت سبل مواجهة التطرف وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش. كما شارك البابا في ختام مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، مؤكدًا على الدور المحوري الذي تلعبه مصر كمهدٍ للحضارات ومركز للتسامح الديني.
وفي مشهد رمزي بامتياز، زار البابا فرنسيس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث استقبله قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. وقد شهد اللقاء توقيع اتفاق تاريخي بشأن الاعتراف المتبادل بسر المعمودية بين الكنيستين الكاثوليكية والقبطية الأرثوذكسية.
يوم روحي مهيب
وجاء اليوم التالي، 29 أبريل، ليُتوّج الزيارة بروحانية خالصة، حيث ترأس البابا القداس الإلهي في استاد الدفاع الجوي، وسط حضور الآلاف من الأقباط و6 طوائف كاثوليكية مصرية، في مشهد مهيب عبّر عن وحدة الإيمان والمحبة.
كما التقى البابا فرنسيس بكهنة الكنيسة الكاثوليكية في الكلية الإكليريكية بالمعادي، قبل أن يختتم زيارته بلقاء وداعي مع الرئيس السيسي في مطار القاهرة، بعد زيارة وصفتها وسائل الإعلام العالمية بأنها “تاريخية بكل المقاييس”، وترك فيها البابا أثرًا عميقًا في قلوب المصريين، مسلمين ومسيحيين على السواء.
رحيل الجسد وبقاء الرسالة
اليوم، ومع إعلان وفاة البابا فرنسيس، يقف العالم وقفة تأمل واستذكار لمواقفه الإنسانية الشجاعة، ودعواته المتكررة إلى نبذ العنف والكراهية، وفتح قنوات التواصل بين الأديان والثقافات، وتكريس مبادئ العدالة والرحمة.
لقد غادر البابا فرنسيس عالمنا جسدًا، لكنه سيظل حيًا في قلوب الملايين، برسالته التي تجاوزت الحدود، ورسّخت مفهوم أن السلام ممكن حين تؤمن به القلوب الصادقة.
رحم الله قداسة البابا فرنسيس، وجزاه عن العالم خيرًا بما قدّم من نورٍ وأمل.