نُعِدُّ دعاةً مستنيرين يجمعون بين العلم والوعي لخدمة الوطن والإنسانية”
ألقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة خلال مشاركته في حفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف، والذي أُقيم صباح اليوم بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية، بحضور عدد من القيادات الدينية والعسكرية.
وقد استهل السيد الرئيس كلمته بتحية الأئمة الخريجين والسادة الحضور، مؤكدًا أن هذا اليوم هو مناسبة للاحتفاء بكوكبة جديدة من الدعاة الذين سيحملون أمانة الكلمة، وينشرون نور الهداية، ويُرسّخون قيم الرحمة والتسامح والوعي في المجتمع.
وأوضح سيادته أنه قد وجّه وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مؤسسات الدولة الوطنية وفي مقدمتها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبي شامل لتأهيل الأئمة علميًا وفكريًا وسلوكيًا، من أجل الارتقاء بمستوى الأداء الدعوي، وتعزيز مهارات التواصل، ليكون الإمام قدوةً في البيان والإقناع، مدركًا لأبعاد الواقع وتحدياته، وملتزمًا بثوابت الدين والوطن.
وقال الرئيس: “ها نحن اليوم نقطف ثمار هذا الجهد المشترك، نُشاهد أمامنا نخبة من الأئمة تلقّوا إعدادًا نوعيًا يجمع بين أصول العلم الشرعي وأدوات التواصل الحديثة، ويعكس ولاءً صادقًا لله والوطن، وفهمًا واعيًا لمتطلبات العصر وتحولاته”.
كما شدد الرئيس السيسي على أن الخطاب الديني المستنير بات حاجة مُلحّة في هذا الزمن، وأن تجديده لا يتم إلا على أيدي علماء مستنيرين، يتمتعون بسعة العلم، وعمق الفهم، واتساع الأفق، وقادرين على التفاعل مع قضايا الناس ومشكلاتهم، وتقديم حلول واقعية تُحقق مقاصد الشريعة وتحفظ ثوابتها.
وأشار سيادته إلى أن تجديد الخطاب لا يعني فقط تصحيح المفاهيم الخاطئة، بل يمتد إلى تقديم الصورة الحقيقية السمحة للدين، كما جسّدها النبي محمد ﷺ، وكما نقلها الصحابة، وأصّلها العلماء عبر العصور.
وأضاف الرئيس: “أنتم اليوم تبدأون أولى خطواتكم في هذا الطريق النبيل، وما نرجوه منكم هو أن تظلوا أمناء على العهد، دعاة إلى الخير، ناشرين للسلام، سفراءً للرحمة والوسطية، في مصر والعالم أجمع”.
وأكد أن مصر ستبقى منارة للفكر الإسلامي الوسطي، بما تمتلكه من تاريخ عريق، ومؤسسات علمية راسخة، وعلماء أجلاء، يحملون رسالة إنسانية تُعلي من قيمة الإنسان، وتُكرّم العقل، وتحترم التنوع، وتُرسخ العدل والرحمة.
وفي ختام كلمته المكتوبة، وجّه الرئيس السيسي الشكر لجميع من ساهم في إعداد هذا البرنامج التدريبي، من وزارة الأوقاف، والأكاديمية العسكرية، وكل مؤسسة وطنية تؤمن بأن بناء الإنسان هو الطريق لبناء الوطن ومستقبله.
رسائل الرئيس بعد كلمته الرسمية:
عقب انتهاء الكلمة الرسمية، وجه السيد الرئيس عدة رسائل عفوية تعكس رؤية الدولة الشاملة لإعداد مواطن متوازن ومسؤول، قادر على المساهمة الفعالة في مجتمعه.
وأشار الرئيس إلى أهمية الاقتداء بالإمام جلال الدين السيوطي، الذي يُعد نموذجًا ملهمًا لما يمكن أن يقدمه العالم من إسهام علمي، حيث ألّف ما يزيد عن 1164 كتابًا خلال حياته.
كما أكد سيادته أن الخطاب وحده لا يكفي لتحقيق التغيير، بل يجب ترجمته إلى أفعال عملية، ضاربًا مثالًا على إمكانية استغلال المساجد لتقديم خدمات تعليمية للطلاب بجانب دورها الأساسي كمكان للعبادة.
وشدد الرئيس على ضرورة التمسك بالقيم المجتمعية، مثل حسن معاملة الجيران، وتربية الأبناء على الأخلاق، ومواكبة التطور الحديث دون التخلي عن الثوابت.
وأكد كذلك على أهمية الحفاظ على اللغة العربية، مشيرًا إلى أن على الدعاة أن يكونوا حماة للغة، وللحرية، وللهوية.
كما أوضح أن الدورة التي تلقاها الأئمة تم إعدادها بعناية من قِبل متخصصين في علم النفس والاجتماع والإعلام، لتكوين داعية عصري، واعٍ، ملمّ بمتغيرات الواقع، ومؤثر بشكل إيجابي في محيطه.
وفي نهاية كلمته، عبّر السيد الرئيس عن تعازيه في وفاة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، قائلًا إن العالم فقد قامة دينية وإنسانية كبيرة، كانت تسعى إلى نشر المحبة والسلام