إسرائيل وحماس أمام منعطف تاريخي: صفقة الأسرى تتحول إلى مشروع سياسي برعاية أمريكية
تقف إسرائيل، التي لا تزال تحت وطأة تداعيات حرب أكتوبر، وحركة حماس، المنهكة من العمليات العسكرية والضغوط الدولية، على أعتاب مفترق تاريخي حاسم، حيث تتبلور ملامح خارطة طريق جديدة بدعم أمريكي وضمانات غير مسبوقة. وفي هذا السياق، تتحوّل صفقة تبادل الأسرى من مجرد عملية تقليدية إلى مشروع إقليمي مشحون بالتعقيدات السياسية.
ملامح المبادرة
ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل مطالبة بإبداء مرونة أكبر إذا كانت تسعى بجدية لإنجاز اتفاق مع حماس بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار. ووفقًا لمصادر سياسية إسرائيلية رفيعة، فإن المبادرة الحالية تقترح الإفراج عن نصف المحتجزين الأحياء ونصف جثامين القتلى، مقابل البدء بمفاوضات لوقف دائم للأعمال العسكرية، يبدأ تنفيذها من أول يوم لوقف إطلاق النار.
الخطة تتضمن الإفراج الفوري عن ثمانية من المحتجزين الأحياء، يتبعهم اثنان آخران في اليوم الخمسين، وتسليم 18 جثمانًا خلال فترة التهدئة التي تمتد لستين يومًا. الجديد في هذا السيناريو هو الضمانة الأمريكية التي تسلمتها حماس مؤخرًا، والتي تُعد بمثابة التزام غير رسمي بوقف الحرب. وتنص على أن وقف إطلاق النار سيظل ساريًا طالما استمرت المفاوضات بشكل جاد، ما يمثل عمليًا توقيعًا أمريكيًا غير مباشر على التزام إسرائيل بعدم استئناف القتال خلال تلك الفترة.
موقف نتنياهو والضغوط المتصاعدة
رغم هذه التطورات، لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستخدم خطابًا حادًا تجاه حماس، مؤكدًا خلال زيارته لعسقلان: “حماس لن تبقى، ولن نعود إلى حماستان”، في إشارة إلى التزامه بتفكيك الحركة واستعادة الرهائن. إلا أن الصحيفة العبرية تشير إلى تصاعد الضغط الأمريكي عليه، خاصة أن إدارة بايدن تعتبر هذه الصفقة نقطة انطلاق لتوسيع اتفاقيات إبراهيم.
وتكشف الصحيفة أن إسرائيل ترفض الانسحاب من محور فيلادلفيا، مع استعداد جزئي للانسحاب حتى محور موراج، وهي نقطة قد تؤدي إلى انهيار المفاوضات، في ظل تمسك حماس بانسحاب كامل من غزة.
إدارة صفقة الأسرى
مصادر إسرائيلية كشفت أن تل أبيب لن تمنح حماس حرية اختيار أسماء الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم، بل ستضع قائمة محددة بالأسماء عبر فرق طبية وأمنية، تضع أولوية للمرضى والمصابين، ومن ثم يتم التفاوض على أساسها.
أما في ما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، فيتوقع أن تشتد الخلافات، خصوصًا مع إصرار حماس على الإفراج عن شخصيات بارزة مثل مروان البرغوثي، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل قاطع.
أبعاد إقليمية وأمنية
الصفقة لا تقف عند حدود تبادل الأسرى، بل تتزامن مع زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى الولايات المتحدة، حيث يلتقي بالرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض، لبحث ملفات أخرى مثل البرنامج النووي الإيراني، ورسم خطوط حمراء قد تؤدي إلى تحركات عسكرية ضد طهران.
ومن المقرر أن يغادر نتنياهو إلى واشنطن يوم الأحد على متن طائرة “الجناح الصهيوني”، في زيارة تشمل لقاءات أمنية وسياسية مع البيت الأبيض، الكونغرس، والبنتاغون. ورغم غياب عائلات الرهائن عن الوفد الرسمي، إلا أن الصحيفة تشير إلى أن بعضهم سيقوم برحلة موازية إلى واشنطن لممارسة ضغوط إعلامية وسياسية.
فرص النجاح
بحسب يديعوت أحرونوت، فإن هذه الجولة من المفاوضات تُعد الأقرب إلى التوصل لاتفاق منذ شهور، في ظل وجود ضمانات أمريكية واضحة، وضغوط دولية وإقليمية تدفع باتجاه إبرام الصفقة.