«إعصار التغيير قادم!» الذكاء الاصطناعي لا يهدد وظيفتك بل شركتك

الذكاء الاصطناعي يهدد بنية الشركات وليس فقط وظائف الأفراد

في خضم الجدل المتواصل حول قدرة الذكاء الاصطناعي على تقليد العمل الفكري الذي يقوم به الأطباء، المحامون، أو حملة الدكتوراه، يُغفل كثيرون تهديدًا أعمق يلوح في الأفق: احتمال اندثار كيانات مؤسسية بأكملها، وليس فقط وظائف بعينها، بسبب التسارع الكبير في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذا ما أشار إليه جورج كايلاس، الرئيس التنفيذي لشركة Prospero.ai، في مقال نشرته مجلة “فاست كومباني”.

💡 جدل حول تكلفة الذكاء الاصطناعي “الخبير”

وقد أثار تقرير عن نية شركة OpenAI فرض رسوم تصل إلى 20 ألف دولار شهريًا لتقديم وكلاء ذكاء اصطناعي مدربين على مستوى الدكتوراه، موجة من التساؤلات حول مستقبل الوظائف البشرية، وما إذا كان هناك مجال سيظل آمنًا أمام زحف الذكاء الاصطناعي.

🤖 هل الذكاء الاصطناعي مبالغ فيه؟

لكن خبراء التقنية يرون أن المخاوف مبالغ فيها إلى حد ما.
فبحسب جيمس فيلاروبيا، رئيس قسم الابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي في مركز ناسا للعلوم الفضائية، فإن الإمكانيات الحالية للذكاء الاصطناعي لم تصل بعد إلى المستوى “المبهر”، لكن هذا قد يتحقق قريبًا.

أما شون ماكغريغور، مؤسس شركة Responsible AI Collaborative، فيؤكد أن العديد من الوظائف تتطلب أكثر من مجرد مهارات محددة، موضحًا أن التقنيات الحالية لا يمكنها أن تحل محل الإنسان في بيئات معقدة مثل التعامل مع المعدات الكيميائية الخطرة أو تنفيذ التجارب البشرية، حيث لا تزال شهادات الدكتوراه البشرية ضرورة لا غنى عنها.

📊 الكفاءة… لا البقاء للأقوى بل للأسرع تكيفًا

يرى كايلاس أن القضية لا تتعلق فقط بالوظائف التي سيتم إلغاؤها، بل بكيفية تكيّف النماذج الاقتصادية للشركات مع الواقع الجديد. وقد أظهرت الباحثة سوزان رابيكوف، مؤسسة مركز «ذا باي غروير»، أن المرحلة الحالية غير مسبوقة، حيث تعوّل على صعود الشركات الأكثر كفاءة بدلاً من تلك التي تكتفي بتسريح موظفيها بسبب أعباء ديون التكنولوجيا أو تكاليف العمالة المتضخمة.

في هذا السياق، تصبح شركات مثل “فورتشن 500”، والتي تعاني من أنظمة تشغيل قديمة وترهل وظيفي، أكثر عرضة للتراجع أمام منافسين جدد يتمتعون بالمرونة والقدرة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي.
وهنا يكمن الخطر الحقيقي: الذكاء الاصطناعي لا يحتاج إلى أن يتفوق على كل موظف داخل المؤسسة، بل يكفي أن يتفوق على النظام بأكمله ليجعل نموذج العمل غير صالح للاستمرار.

🚗 مثال تاريخي: صناعة السيارات الأمريكية

يمكن مقارنة هذا التحول بما حدث في صناعة السيارات الأمريكية في أواخر القرن العشرين.
ففي خمسينيات القرن الماضي، كانت الولايات المتحدة تُنتج نحو 75٪ من سيارات العالم، بينما لم تكن اليابان إلا لاعبًا صغيرًا.
لكن مع دخول الروبوتات في خطوط الإنتاج اليابانية، ارتفعت كفاءة التصنيع بشكل كبير، لتنتج سيارات بجودة عالية وتكلفة أقل.

في المقابل، عانت شركات مثل جنرال موتورز من صعوبات في التكيف، بسبب بنية تحتية قديمة ونفقات ضخمة على العمالة والمعاشات. وبحلول عام 1980، أصبحت اليابان تسيطر على 29٪ من سوق السيارات العالمية، مقابل 23٪ فقط للولايات المتحدة.

🔚 خلاصة:

ما حدث لصناعة السيارات الأميركية قد يتكرر الآن، ولكن على نطاق أوسع وبسرعة أكبر، بفعل الذكاء الاصطناعي.
فالمستقبل قد لا يشهد استبدال الأفراد فحسب، بل إعادة تشكيل قواعد اللعبة الاقتصادية بالكامل، حيث لا ينجو الأقوى، بل من يملك المرونة والقدرة على التحوّل سريعًا.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

This field is required.

You may use these <abbr title="HyperText Markup Language">html</abbr> tags and attributes: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

*This field is required.